روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات ثقافية وفكرية | أحفظ من القرآن لكن لا أتقنه.. ما الطريق لإتقان القرآن؟!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات ثقافية وفكرية > أحفظ من القرآن لكن لا أتقنه.. ما الطريق لإتقان القرآن؟!


  أحفظ من القرآن لكن لا أتقنه.. ما الطريق لإتقان القرآن؟!
     عدد مرات المشاهدة: 2359        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله منّ الله علي بحفظ كتابه الكريم وقد حفظت ولله الحمد الخمسة عشر جزءًا الأخيرة. مع البقرة وجزءًا من آل عمران.. أين المشكلة؟ ما إن أبدأ المراجعة إلا وأجد السور تتداخل في بعضها، ومهما كنت متقنة للحفظ إذا أردت قراءتها في الصلاة تمحى تمامًا، كنت أختم مرة في الشهر تقريبًا نظرًا أو أكثر من الشهر، ولكني بحمد الله صرت أختمه مرتين، الآن لا أدري أين الخلل! طبعًا ليس لدي برنامج مراجعة؛ لأني ما إن أبدأ به حتى تتداخل الآيات الجديدة بما سبق حفظه. اهـ. أرجو أن ترشدوني وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبًا بك أيتها المباركة في موقع المسلم.

لا شك أن التوفيق لحفظ القرآن والمداومة على تعاهده من النعم السابغة التي ينبغي أن تقابل بالشكر، أسأل الله أن يوفقك لذلك.

استشعري أيتها الكريمة أنك بالسعي لحفظ القرآن الكريم إنما تجمعين كلام الله تعالى في قلبك، فاحرصي على تعاهده بالتنقية والتطهير، بالبعد عن المعاصي، وكثرة الاستغفار، ولعلك تحفظين قول الشافعي رحمه الله تعالى:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي

وعلمني بأن العلم نور *** ونور الله لا يؤتاه عاصي

من الأمور المعينة على الحفظ:

• تخير الوقت المناسب الذي يخلو فيه ذهنك من الشواغل، ويكون عندك من الطاقة البدنية ما يسمح لك بالتركيز في القراءة. فعشر دقائق تكونين فيها متيقظة حاضرة الذهن أنفع من ساعة تقاومين فيها النوم بتناول الشاي والقهوة، وتردين فيها على الهاتف، وتسكتين أحد الأطفال، وتشرحين للآخر مسألة. ووطني الصغار على عدم شغلك بأي شيء أثناء وقت الحفظ أو رتبي لهم برنامجًا يشغلهم.

• تخير المكان المناسب الذي يقل فيه الضجيج؛ سواء من الأطفال، أو التلفاز، أو إشعارات البريد والفيس بوك، أو غيرها من الصوارف. كذلك مراعاة الإضاءة، والمكان الذي تجلسين عليه، فالجلسة غير المريحة تستهلك جزءًا من التركيز، كما أن الاستلقاء أثناء القراءة مجلبة للنعاس.

• الاعتماد على طبعة واحدة من المصحف، ويفضل الطبعات التي تنتهي فيها الصفحة بنهاية الآية مثل طبعتي مجمع الملك فهد، والمصاحف الشامية.

• عدم الاعتماد على الحفظ من التطبيقات الموجودة في الجوال لأن سطوع الشاشة وحجم الخط يرهقان العين، لكن يمكن الاستعانة بها عند تعذر القراءة من المصحف.

• عدم الاعتماد على السماع فقط في الحفظ والمراجعة، فالذاكرة البصرية أطول من السمعية، ويزداد الفرق بين الذاكرتين لصالح الذاكرة البصرية كلما تقدم العمر. كما يحسن القراءة بصوت مسموع.

• لا تنتقلي من وجه لآخر ما لم تتقني الوجه الأول تمامًا، وتكونين قادرة على سرده دون خطأ أو تردد.

• عند الحفظ يستحسن الحدر في القراءة مع مراعاة أحكام التجويد. والنغمة تعين على الحفظ، طبعًا أقصد تحسين الصوت بالقراءة لا التطريب.

• احرصي على التأكد من صحة قراءتك قبل الحفظ، ويفضل أن تسمعي الوجه عدة مرات بصوت أحد القراء.

• اقرئي الوجه في المرة الأولى بتمهل، وحاولي أن تطبعي شكل الصفحة في ذهنك. مثلًا: في الصفحة خمس آيات، اثنتان طويلتان في البداية، والباقية قصيرة. ثلاث آيات تنتهي بذكر التقوى: {هم المتقون}، {لعلكم تتقون}، {حقًّا على المتقين}. والباقيات: {عذاب أليم}، {سميع بصير}. هل عرفت الصفحة؟، بهذه الطريقة لن تخطئي أثناء الترديد وتقولين لعلكم تعقلون مثلًا. إن كنت ممن يفضلون الحفظ آية آية، فاحفظي الآية الأولى حفظًا متقنًا ثم انتقلي للتالية، ثم كرري الآيتان معًا وهكذا. أو كنت ممن يفضل حفظ الآيات ذات الموضوع الواحد معًا، أو قسمة الوجه لقسمين أو ثلاثة فهذه أفضل والناس يختلفون.

• بعض الناس يفضل كتابة الجزء المراد حفظه بيده مرة أو أكثر قبل البدء في الحفظ، ثم يحفظ مما كتب كما يفعل طلاب الكتاتيب وغيرهم، وقد تكون هذه الطريقة نافعة لكن يحسن مراجعة الحفظ عدة مرات من المصحف بعد ذلك.

• لا تتقيدي بعدد معين من المرات أو زمن محدد تكررين فيه الآيات، بل العبرة بإتقان الحفظ، والآيات تتفاوت في سهولتها، حسب كثرة سماعك لها، واستيعابك لمعانيها. المهم لا تتعجلي أبدًا والحفظ الأول المتقن يسهل المراجعة كثيرًا.

• احرصي على تكرار نصاب اليوم المحفوظ كلما تيسر، ولا تقتصري على الوقت المحدد للمراجعة. رددي الآيات أثناء القيام بالأعمال الروتينية كالطبخ والترتيب وغير ذلك مما لا يحتاج تركيزًا ذهنيًّا. كلما ترددت في موضع ارجعي للمصحف ثم واصلي. طبعًا أفترض أنك حفظت حفظًا متقنًا. هذه الطريقة تحدد لك مواطن الضعف التي ينبغي أن تركزي عليها قبل الانتقال للنصاب التالي. إن تعذر ذلك فاسمعي النصاب، ويمكنك الاستعانة بأحد الأجهزة أو البرامج التي تسمح بتحديد عدد معين من الآيات وتكرارها.

• إذا أكملت حزبًا فاسرديه كله على أحد أهل بيتك، على أن يضع لك علامة صغيرة بالقلم الرصاص على أي موضع تترددين فيه، أو أي كلمة تخطئين فيها. أزيلي العلامات بعد التأكد من إتقانك لحفظ تلك المواضع. والأمر كذلك آخر كل جزء، وكل سورة.

• الالتزام مع رفيقة تراجعين معها مفيد، ويستحسن أن تكون واحدة فقط، بمعنى ألا تُكوني مجموعة كبيرة، فكلما زاد العدد كثرت الأعذار، وزاد الكلام الجانبي، وقلت الفائدة، كما أن الزمن المخصص لكل واحدة سيكون أقل.

• الآيات التي يقع الخلط بينها بسبب التشابه تختلف من شخص لآخر، ومحاولة حصرها من أحد الكتب قد يضر أكثر مما ينفع. يستحسن أن تجمعي المتشابهات التي تخلطين بينها في دفتر أو ملف وورد مثلًا. اكتبي الآيتين كاملتين، أو موضع التشابه كاملًا مع ذكر السورة، وضعي علامة على الموضع الذي تخطئين فيه، على أن يكون كلا الموضعين أمام عينيك، بمعنى أنهما في نفس الصفحة، وراجعي الدفتر دوريًّا. مثلًا: {أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود} البقرة. {وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود} الحج. ومن الممكن استخدام فنيات التذكر المختلفة، في المثال السابق مثلًا: الترتيب الأبجدي مع ترتيب السور، العين قبل القاف، البقرة قبل الحج. يمكن الرجوع لأمثلة على طرق الربط والتذكر في الكتب المعتنية بالمتشابه مثل الضبط بالتقعيد، أو ابتداع الطرق التي تناسب طريقة تفكيرك.

• عند الاستعانة بطرق التذكر المختلفة لاحظي أن الأرقام تنسى أسرع من الكلمات بعد الثلاثينيات، والكلمات أسرع من الجمل، والجمل أسرع من المعاني، فاجعلي الروابط مرتبطة بالمعاني قدر الإمكان، أو الجمل. مثلًا في سورة الروم: يمكن تذكر أواخر الآيات 21-24 بجملة: تفكر العالم فأسمع العقلاء، الآية 21: يتفكرون، 22: للعالمين، 23: يسمعون، 24: يعقلون. لكن لا تعدي نفسك متقنة لحفظ الآيات ما دمت محتاجة للرجوع لجملة التذكر، إذ الغرض منها عدم الوقوع في الخطأ أثناء الحفظ، والتذكر في حالة عدم المراجعة لمدة طويلة، وإلا فالأصل أن الحافظ المتقن يستطيع أن يسرد الآية دون حاجة لتركيز شديد مثلما تفعلين عند قراءة سورة الفاتحة.

• التعليم مفيد جدًّا في ضبط الحفظ، فاحرصي بارك الله فيك على تعليم غيرك شيئًا مما تحفظين.

• نصاب الحفظ اليومي يفضل أن يكون معقولًا تقدرين على ضبطه، فالحفظ البطيء المتقن أفضل بكثير من الحفظ السريع الذي تكون نتيجته مجرد استحضار للمتشابهات وبالتالي جعل المراجعة أصعب من الحفظ الأول.

• بجانب نصاب الحفظ اليومي اجعلي لك وردًّا تراجعينه حسب تفرغك وطاقتك. أقترح عليك أن تخصصي الشهر القادم لتلاوة الجزء الذي حفظته على أن تكمليه كل ثلاثة أو أربعة أيام، تلاوة فقط بانتباه لكن بدون تكرار، يعني تختمينه عشرة مرات تقريبًا. في آخر الشهر ستشعرين أن المراجعة أيسر عليك بكثير مما هي عليه الآن. بعدها التزمي بنصاب المراجعة اليومي، وصلي بالجزء الذي راجعته كل الصلوات، وإن وفقت لقيام الليل فقد وفقت لخير عظيم.

• كلما أكملت مراجعة جزء اسرديه كاملًا وضعي علامة على موطن الخطأ وراجعيه ولا تنتقلي للجزء التالي إلا بعد إتقان الجزء الأول.

• اجعلي لك نصابًا لتلاوة الأجزاء التي تحفظينها، حزبًا أو جزءًا كل يوم، بجانب المراجعة والحفظ اليومي. وهذه لا تحتاج أكثر من ثلث ساعة، فلا تستكثرينها وتتكاسلين عنها.

• إن أكملت المراجعة فاحرصي على تلاوة سبع ما تحفظين يوميًّا، مع الاستمرار في برنامج المراجعة للأجزاء الجديدة، مع الوقت ستجدين أن حفظك صار راسخًا بإذن الله. فكما نلاحظ جميعا الذين يحرصون على تلاوة سورة الكهف كل أسبوع يكتشفون أنهم قد حفظوها أو كادوا، فكذلك تلاوة المحفوظ كل أسبوع تثبته مع الزمن.

• لا تنسي أيتها الفاضلة أن الاستعانة بالدعاء، والإخلاص في العمل تجلب التوفيق، فاستعيني بهما بورك فيك.

وفقك الله لحفظ كتابه وتعاهده والعمل به، وجعلك ممن يقطع عمره في تعليمه وتعلمه.

الكاتب: أسماء عبدالرازق.

المصدر: موقع المسلم.